بيلينكات: نوع "أقلّ فتكاً" من قناني الغاز المسيل للدموع يقتل المتظاهرين في العراق

يحتوي هذا التقرير صوراً وبيانات تظهر بوضوح الإصابات والوفيات.

“قُتل عددٌ من المتظاهرين في العراق بعد إصابتهم بطلقٍ من عيار 40 مليمتراً يعتبر “أقل فتكاً.

يشهد العراق منذ أسابيع اضطرابات كبيرة بعد خروج المتظاهرين إلى الشوارع احتجاجاً على البطالة ونقص الخدمات العامة والفساد المنتشر على نطاقٍ واسع في البلاد. وقُتل العشرات من المتظاهرين أثر عمليات القمع الدموية التي استخدم فيها الرصاص الحيّ على نطاق واسع. وأظهرت بعض اللقطات التي صوّرها المتظاهرون استهداف مشاركين عُزّل بالنيران،

ولكن الرصاص الحي المستخدم بكثافة ليس وحده الذي يتسبب بقتل المتظاهرين، بل استخدام أسلحة تعتبر”أقلّ فتكاً” أيضاً، وهي في هذه الحالة قنابل الغاز المسيل للدموع من عيار 40 مليمتراً. وعلى الرغم من أنّ التأثير المفترض لقنابل الغاز المسيل للدموع هو نشر مادة مهيّجة للجهاز التنفسي بين الجماهير المتظاهرة ومكوّنة بمعظمها من غاز سي إس، إلّا أنّ هذه القنابل أطلقت بشكل مباشر على المتظاهرين، متسببة بإصابات مروّعة أدّت بمعظمها إلى حالات وفاة. أي أنّ الإطلاقات “الأقل فتكاً” هذه أصبحت قوّة مميتة تستخدمها القوات الأمنية ضد المتظاهرين دون اللجوء للرصاص الحيّ.

الاستخدام والتأثير

أظهرت صور ومقاطع فيديو صوّرها المتظاهرون عدّة حالات توّثق تعرّض المتظاهرون إلى إطلاقات “أقل فتكاً” من عيار 40 مليمتراً. وبسبب الطاقة الحركية التي تمتلكها هذه القنابل، يمكنها اختراق اللحم والعظام بشكل سهل نسبياً. وبينما تؤدي هذه القنابل إلى إصابات خطيرة وتهدّد الحياة إن كان تأثيرها على الجسد، فإنّ خطر الوفاة يرتفع بشكل خاصّ إذا أصابت هذه القنابل الرأس.

ويظهر الفيديو أدناه شخصاً يبدو أنّه أصيب بهذه القنابل.

ويظهر بوضوح الضرر الذي أحدثته هذه القنابل في فيديوهات المظاهرات، ولكن مدى دمويتها يظهر بشكل أكثر وضوحاً في صور الأشعة المقطعية للمصابين بقنابل الغاز من عيار 40 مليمتراً.

صور لما يبدو الأشعة المقطعية للمصابين بقنابل الغاز من عيار 40 مليمتراً. يمكن ملاحظة التواريخ المظلة بالأحمر واسم المستشفى أدناه: مستشفى جملة الجراحة العصبية، بغداد. المصدر 1 والمصدر 2.

ويبدو أنّ هذه الذخائر مستخدمة بكثرة ضد المتظاهرين، خاصّةً عندما لم تلجأ القوات الأمنية إلى استخدام الرصاص الحيّ. وكانت صحيفة “الناشونال” قد كتبت في أحد تقاريرها أنّ ثمانية متظاهرين قتلوا بهذه الطريقة في يومٍ واحد عندما عادت المظاهرات في 25 أكتوبر 2019 بعد استراحة قصيرة. وأقامت منظمة العفو الدولية “آمنستي” تحقيقاتها المكثفة وتعرّفت على عددٍ من أنواع الذخائر، وأكّدت أن عدداً من الصور والفيديوهات التي تظهر هذه الحوادث أتت من ساحة التحرير ومحيطها. وتظهر الصور مثل هذه العدد الكبير لهذه الذخائر التي استخدمت ضد المتظاهرين.

عرض احتجاجي يتألف بمعظمه من عبوات فارغة للقنابل المسيلة للدموع 40 ملم، على ما يبدو في ميدان التحرير ببغداد.

أنواع الذخيرة

يبدو أنّه تمّ استخدام أنواع متعددة من القنابل اليدوية “الأقل فتكاً” من عيار 40 ملم، بما في ذلك CS (المعروف باسم الغاز المسيل للدموع) والقنابل الدخانية والصوتية. وهناك العديد من الأمثلة المذكورة أدناه، بما في ذلك تلك التي صنعتها شركة سلوبودا شاكSloboda čačak، إحدى الشركات الصربية، وما حددته منظمة العفو الدولية والمراسل آدم راونسلي بأنها قنابل مسيلة للدموع من طراز M651 وقنابل دخان من طراز M713 صنعتها منظمة الصناعات الدفاعية الإيرانية (DIO).

يسار: قنبلة سلوبودا شاك CS M99، يمين: قنبلة 40 ملم يقال إنه تم استخراجها من أحد المحتجين.

يسار: قنبلة M01 الصوتية والضوئية من تصنيع سلوبادا شاك. يمين: قنبلة 40 مام يقال إنه تم استخراجها من أحد المحتجين

مثال على قنبلة يدوية من عيار 40 ملم حددتها منظمة العفو الدولية وآدم راونسلي على أنها قنابل يدوية الصنع من قبل منظمة الصناعات الدفاعية (DIO) في إيران.

خلاصة

كما لاحظت منظمة العفو الدولية، فإن القنابل اليدوية عيار 40 ملم المستخدمة في العراق أثقل بكثير من القنابل اليدوية عيار 37 ملم التي تستخدمها العديد من قوات الأمن الأخرى، وقد أسفرت بوضوح عن إصابات خطيرة ووفيات. بالنظر إلى حجم استخدام هذه القنابل اليدوية “الأقل فتكاً” من قبل الأجهزة الأمنية العراقية، فمن غير المستغرب أنّ العديد من المتظاهرين قد قتلوا أو أصيبوا بجروح خطيرة بسبب هذه الذخائر.

أثار استخدام ذخائر CS 40 ملم “الأقل فتكًا” جدلاً في السابق – على سبيل المثال حين استخدمها الجيش الإسرائيلي حيث أطلقت الذخيرة مباشرة على المتظاهرين، مما أسفر عن سقوط العديد من القتلى والجرحى، بما في ذلك باسم أبو رحمة الذي قتل آنذاك. منذ تلك الانتقادات، يبدو أن الجيش الإسرائيلي فرض قيوداً على استخدام هذا النوع من الذخيرة، مما أدى إلى تقليل الإصابات الخطيرة. يبقى أن نرى ما إذا كان العراق سيقيّد استخدام هذه الذخائر “الأقل فتكاً”، أو يواصل استخدامها بطريقة تقتل وتتسبب بإصابة العديد من المشاركين في الاحتجاجات.